الهيئة الاكاديمية والموظفين

د. ابو الحاج : لا بد من استمرار التحرك الشعبي والرسمي لصالح الاسرى لوقف الانتهاكات الاسرائيلية الجسيمة بحقهم الاسير المحرر المناضل محمد لطفي يروي محطات هامة من تجربته الاعتقالية

عدد المشاهدات: 103


 

هو الانتصار بكل المقاييس الذي حققه الاسير سامر العيساوي بصموده الاسطوري وارادته الفولاذية في اضرابه التاريخي عن الطعام الذي حطم كل المقاييس تماما كما حطم ارادة السجان واثبت ان هذه الارادة الصلبة قادرة على الانتصار ورفض كل اشكال المساومة التي حاولت من خلالها اسرائيل تشريع الابعاد وغيره من الاجراءات المخالفة للقانون الدولي … وهو الانتصار لهذا الجهد التضامني الجماعي الشعبي والرسمي الذي رافق الاضراب وهذا التحرك المتواصل محليا واقليميا ودوليا الذي اسهم في الضغط ونقل رسالة واضحة لاسرائيل بان الاف الاسرى الذين تحتجزهم وسط شروط وظروف حياتية مهينة ولا انسانية ليسوا وحدهم في الميدان بل ان معهم  كل ابناء شعبهم وكل فصائله وقيادته ومعهم كل احرار العالم .

وفي السياق يقول الدكتور فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس في تصريح انه لا بد من استمرار التحرك الشعبي والرسمي لصالح الاسرى الذي اثبت فعاليته واسهم في تحقيق الانتصار الذي حققه الاسير العيساوي لفلسطين وللحركة الاسيرة ولكل احرار العالم .

واضاف د. ابو الحاج ان الوقت قد حان لنقل ملف الاسرى الى كل المحافل الدولية وافهام اسرائيل انها لا تستطيع مواصلة كل هذه الانتهاكات الجسيمة بحق مناضلي الحرية الاسرى دون حساب او عقاب .

 

السيرة الذاتية :

هو محمد لطفي ياسين خليل من مواليد 7-3-1949 في قرية يتما قضاء نابلس ،والتي هاجر اليها اهله من قرية الطيرة قضاء اللد بعد نكبة العام 1948 ، درس المرحلتين الاساسية والاعدادية في مدارس قريتي "كفر عين ودير غسانة " ،واكمل دراسته الثانوية في المدرسة الهاشمية في رام اله منهيا الشهادة الثانوية اثناء حرب عام 1967 ، وقد حاول فور ذلك الالتحاق بالجامعة رغم ما اعترى تلك الفترة من صعوبات عديدة ناشئة عن ظروف الحرب ، الا انه استطاع الذهاب الى سوريا والانتساب الى جامعة دمشق .

وكان قبل ذلك يسعى الى الانضمام الى الحالة الوطنية والانتساب الى اي من التنظيمات الفلسطينية التي تقاوم الاحتلال ،وهو الامر الذي توفر له فور وصوله الى سوريا حيث سعى الى الانضمام الى حركة فتح والذي كان قد قرأ عنها الكثير من المقالات ،وفعلا انتسب لفتح وتلقى دورات في معسكر الهامة ودورات اخرى في مصر ،ثم عاد الى القطاع الاوسط في الاردن في اوائل العام 1968 ،ليمارس العمل النضالي اليومي ، ومن هذه المحطة يبتدأ الاسير المحرر "ابو لطفي سرد تجربته النضالية كما يحب ان يرويها .

كنا وبشكل يومي نخوض الاشتباكات مع العدو الاسرائيلي في بعضها نخترق النهر ونضرب غربا ،وبعضها الآخر نضرب من مواقعنا شرق النهر ، واستمريت على هذا الوضع الى ان تقرر ان انزل دورية مع عدد آخر من المناضلين ،حيث كانت مهمتنا الاستقرار بالوطن المحتل وتنظيم الخلايا العسكرية ، والمهمة الاساسية كانت ترتيب ضربة عسكرية للاستعراض العسكري الاسرائيلي والذي كان من المقرر ان يقام بالقدس المحتلة كنوع من الابتهاج بالنصر الاسرائيلي في حرب العام 1967 .

دخلت الدورية وصولا الى بداية "معرجات اريحا " فطلع علينا النهار هناك فقررنا ان نكمن في ذلك الموقع ،وفي اليوم التالي قامت اسرائيل بحملة واسعة لتتبع الاثر الذي تركته الدورية وكانت القوة الاسرائيلية تضم وحدات مشاة وآليات وطائرات ايضا ،وعلى اثر ذلك قمنا بتوزيع انفسنا عسكريا بحيث يتم حماية الجهات الاربع ، وكانت المنطقة عبارة عن تلال رملية فكمنا ما بين التلال وكان جنود الاحتلال يركزون بحثهم في اعلى التلال وتكرر مرورهم من جانبنا دون ان يرونا ، وبعد انسحاب معظم الجنود ظلت احد الدوريات الطريق ومروا بالصدفة ما بين التلال فرأوا احد افراد المجموعة ودار اشتباك استمر لما يقارب 3 سعات متواصلة اسفر عن مقتل واصابة 3 جنود واستشهاد افراد مجموعتنا باستثناء اثنين تمكنوا من العودة الى الاردن وباستثنائي انا ايضا ، ففي خضم الاشتباكات اصبت بشذايا عديدة في الصدر والبطن وسقطت على الارض فضن الجنود اني قد مت ولم يتسنى لهم التأكد من بقائي على قيد الحياة الى لحظة انتهاء الاشتباك .

كان ذلك بتاريخ 28-4-1968 ، تم اعتقالي ونقلي الى معسكر اريحا ومن ثم الى مستشفى "هداسا" وهناك تم اخراج عدد من الشذايا وليس جميعها ،حيث لا يزال عدد من الشذايا في جسدي الى يومنا هذا ، بقيت ليوم واحد فقط في المستشفى حيث تم تحويلي في اليوم التالي الى زنازين سجن المسكوبية ،وابتدأ التحقيق معي على الفور ،وامتدت فترة التحقيق لما يقارب 9 شهور ، نزلت خلالها الى المحاكم العسكرية 3 مرات وتنقلت خلالها من المسكوبية الى رام الله الى سجن "صرفند " العسكري والذي كان من اصعب المحطات ،حيث تم ممارسة ابشع صور التعذيب الجسدي من خلال وجبات يومية من الضرب بالعصي والركلات ،ليتم الحكم علي في محكمة رام الله العسكرية بالسجن لمدة 20 عاما .

بعد الحكم علي تم نقلي الى سجن الرملة ،وهناك تم تنظيم تراتبية قيادية لعدد من الكوادر من ضمنهم "عبد الحميد القدسي الذي كان أعلى رتبة يتم اعتقالها حيث كان نائبا للشهيد ياسر عرفات في الارض المحتلة ، وعلى ذلك فكان باقي الاسرى يصغون له وينفذوا اوامره " ، وفي تلك الفترة برز ايضا عدد آخر من الكادر اذكر منهم " محمود بكر حجازي ،عبد الله سكافي ،وليم نصار " وانا كنت ايضا من ضمنهم ، وبتوجيهات من الاخ عبد الحميد تم منحنا جميعا رتبة ملازم بقرار من الاخ ابو عمار والاخ ابو جهاد لكي نتمكن من تنظيم وضع السجون وكان ذلك بتاريخ 1-1-1970 .

وانا اذكر هنا انه منذ وجودي في سجن رام الله برزت الحاجة الى تنظيم حياة الاسرى ، حيث هناك من يستطيع التثقيف وهناك من يستطيع تنظيم الاسرى وهناك ايضا من يستطيع القيام بتعليم الاسرى وعدد آخر يستطيع حل الاشكاليات التي قد تظهر في سياقات مختلفة ، ووفق ذلك فقد جرى الشروع في تنظيم الحياة الاعتقالية ،وتشكلت مجموعات من الكادر تشرف على ما يمكن اعتباره تنظيم الحياة اليومية والتي لا تخلو من الطابع السياسي بكل تاكيد .وابان هذه الفترة اخذت بوادر تشكيل اللجان التنظيمية القيادية تظهر في كل السجون .

في عام 1970 نقلت الى سجن عسقلان حيث كان هناك ما يشبه الحالة التنظيمية القيادية ،وكان مطلوب من الجميع ان يثبت نفسه من خلال العمل اليومي ،وكان معظم الاسرى المتواجدين بسجن عسقلان من ذوي المحكوميات العالية ،اما وضعه المعيشي فكان اصعب من ان يحتمله بشر ،وهنا اذكر ان نظام عسقلان تأسس بناءا على اقتراح تقدمت به لجنة من ائتلاف "كاحل " في الكنيست الاسرائيلي والتي كانت برئاسة "مناحيم بيغن " ،وعلى ذلك فقد جمعت بين اسوء ما كان بالسجون النازية واسوء ما هو موجود في سجون الاحتلال ،واقترحت اللجنة ان يوضع بهاذا السجن اخطر "المخربين الفلسطينيين " ، ومن الامثلة على بؤس هذا السجن ان البيضة كانت تقسم بالسكين الى اثنين من الاسرى بالاضافة الى 4 حبات زيتون واقل من نصف ملعقه من المربى وعلى ذلك فلم نعرف معنى الشبع مطلقا ، وفي مجال النظافة فلكل اسير حمام واحد اسبوعيا ويخرج كل 3 اسرى بنفس الوقت على نفس الحمام ، وبالنسبة "للفورة " فيجب ان يكون الاسير مرتدي كل ملابس السجن ونصف فترة الفورة تمنع من الكلام نهائيا مع اي احد ، واي مخالفة تتم يعاقب جميع الاسرى بعقاب صارم ،فمثلا اذا ما فقد قلم الحبر الذي كان يمنح للاسرى لكتابة الرسائل تعاقب جميع الغرفة بالنقل الى الزنازين لمدة اسبوعين والاكل خلالها يكون فقط خبز وماء .

ومن اهم المحطات ايضا التي كانت بسجن عسقلان انه تم اعلان الاضراب في 5-7-1970 الذي استمر لخمسة ايام وقدم فيه الاسرى الشهيد "عبد القادر ابو الفحم " بالاضافة 75 اصابة مرضية نتيجة الاضراب وايضا نتيجة ان حالة الاسرى كانت متردية جدا نتيجة الظروف السالف ذكرها ومعظم الاسرى كانت اجسادهم هزيلة ،واهم نتائج هذا الاضراب هو السماح ب "كومة" بسمك 1سم تفرش على الارض وادخال الكتب المدرسية "المنهاج الاردني " ،ومن الامور المفيد ذكرها انه بهذا السجن تمت اول عملية انتخابية فيما بين اسرى حركة فتح في عام 1970 .

على اثر حدوث اشكاليات عديدة فيما بين اسرى حركة فتح والجبهة الشعبية قامت ادارة السجن باختيار عدد متساوي من كلا التنظيمين ووضعهم في سجن "بيت ليد" وكنت انا من ضمنهم وبقيت هناك لما يقارب السنتين ، ومن الامور الواجب ذكرها انه في هذا السجن برزت فكرة "الانضباط الحديدي " ،وبالتالي تحول هذا السجن الى مدرسة تنظيمية ، ومنه انتشرت فكرة الالتزام الى باقي السجون ،واصبح كل سجن بهيكلية تنظيمية ،حيث كانت كل مجموعة تخرج من بيت ليد تفرض هذا النظام وصولا الى تعميمه على كافة السجون ، واهم ما انجزته فكرة الانضباط هو الاضراب الذي اعلن بهذا السجن في اواخر العام 1971 ،وبهدف كسر الاضراب قامت الادارة بترحيل قيادة الاضراب الى ان الاضراب لم يكسر الى عندما تم تفريغ كافة الاسرى ولم يتبقى اي اسير في هذا السجن وتم نقلهم جميعا الى معتقل بئر السبع ، ومن الجدير ذكره انه في سجن بيت ليد تم التعاطي ولأول مرة مع مسمى "م،ع" الموجه العام وكنت انا اول من يحمل هذا المسمى .

اما تجربة معتقل بئر السبع ،فقد مزج هذا المعتقل بين الادارة السليمة والالتزام والعمل المنتج ومن هذا السجن ولدت فكرة التخطيط واالاعداد للعمليات العسكرية ، وتم نشر التدريبات اليومية وفرق الكشافة على جميع مستويات الاسرى ،ومن تجربة بئر السبع ايضا اذكر انه وصلنا لاول مرة لمرحلة عقاب ادارة السجن عبر ضرب عدد من ضباط السجن وعقابهم على عنجهيتهم وبطشهم ،وكان لهذا السجن الفضل ايضا في صقل شخصية معظم القيادات الوطنية التي برزت منذ اواسط الثمانينيات ،حيث كانت تجربة فريدة بكل ما للكلمة من معنى .

وانا وعلى صعيدي الشخصي فقد تعلمت اللغات العبرية والانجليزية والفرنسية ،بالاضافة الى دراسة جميع النظريات الفكرية المعاصرة وهو الامر الذي زاد من صقل شخصيتي ، وبعد تبادل عام 1985 وعلى اثر تعديل العقوبات من قبل حكومة الاحتلال فقد تم تنظيم لجنة قانونية من قبل الاسرى وبالتنسيق مع الخارج ، وقد طالبت هذه اللجنة باعادة النظر بعقوبات عدد من الاسرى وفعلا تم الافراج عني بتاريخ 7-5-1986 وابعادي الى الاردن وبقيت هناك الى ان عدت مع العائدين بالعام 1994 .

وانا اوجه رسالة الى الاسرى المتواجين حاليا بسجون الاحتلال بضرورة اعادة الاعتبار لمبدا الالتزام بالعمل الجماعي والتعبئة الوطنية السليمة والتي من خلالها سيتمكن الاسرى من تحقيق المستحيل .

شارك المقال عبر:

مختار الكعابنة يزور متحف أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة
مركز ابو جهاد يستقبل وفداً من الامناء العامين للجان الوطنية العربية

آخر الأخبار

ربما يعجبك أيضا

Al-Quds University