الهيئة الاكاديمية والموظفين

في لقاء مع مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة القيادي عبد الرحيم ملوح يروي تفاصيل تجربته النضالية والاعتقالية

عدد المشاهدات: 199

alt

 

altالحلقة الثانية والاخيرة: الإعتقال والتحقيق .

الساعة الحادية عشرة مساءً من يوم 29/3/ 2002م،كنت متواجداً في مكتب الرئيس عرفات رحمه الله،وقبل خروجي منه أقترب مني الأخ ابو مازن وأخبرني بأن الإسرائيليون على وشك إقتحام المدن الفلسطينية،في إطار عملية السور الواقي التي نفذها الجيش الإسرائيلي في أعقاب قرار مجلس وزراء إسرائيل بإعادة إحتلال مناطق السلطة الفلسطينية،حدث ذلك في أعقاب العملية الإستشهاديه التي نفذها أحد أعضاء حركة حماس،في مدينة نتانيا الساحلية،في 27/آذار/2002م،وقتل فيها 28 إسرائيلياً على ما أذكر وأصاب 140 آخرون.

كان الهدف الأول لتلك العملية،حصار مقر ياسر عرفات فيالمقاطعة برام الله،وفي ليلة 28- 29 آذار/ 2002، إجتاحت القوات الإسرائيليةمدينة رام الله بالكامل،وإحتلت كافة مباني الـمقاطعة تقريباً،بعد أن هدمت سورهاالخارجي،وإستخدم الجيش الإسرائيلي السكان المحيطون بالمقاطعة دروعاً بشريه لتحميتقدمه،وكان بيتي قريباً جداً من المقاطعة،وإستشهد في الساعات الأولى للإجتياح ستة السكان الفلسطينيين القريبين من مقر الرئيس،وعند الساعةالخامسة من صباح يوم 29/ آذار/2002م،أكملت القوات الإسرائيلية حصار الرئيس عرفات ومعه480 شخصاً  داخلالمقاطعة وبدأ الجنود والآليات العسكرية الإسرائيلية،بإطلاق النار والقذائف في جميعالإتجاهات وأكد شارون بأن هذه العملية ضد عرفات ستستمر.

وقد أطلق الجيش الإسرائيلي أسم ( الختيار أو الجد ) على تلك العملية،وقد اختيرت كتيبة جولاني لمباشرة العمليات حول المقاطعة وبداخلها،مدعومة بأعداد كبيرة من قوات الإحتياط ،و وحدة ( حبة جوز الهند ) من قوات المشاة،ووحدات أخرى مختارة من فرق الكوماندوز والمستعربين المعروفة باسم ( وحدة الكرز )،أما عرفات ومن داخل مقره المحاصر،والذي قطعت عنه الـمياه والكهرباء، قال" هذا هو رد إسرائيل علىالقمة العربية التي تبنت مشروع سلام معها،وإسرائيل تريدني سجيناً، أو قتيلاً أو أسيراً،وأنا أقول لهم لا،سأكون شهيداً، شهيداً، شهيداً وأن حياتي ليست أغلى من حياة أي مواطن فلسطينيبسيط ؟ أو من حياة أي طفل فلسطيني ؟ " ووجّه نداءً إلى الشعوب العربية والإسلامية وإلى كلالـمسيحيين في العالـم،حثهم فيه على الدفاع عن الأرض الـمقدسة، وفياليوم التالي هددت القوات الإسرائيلية عبر مكبرات الصوت بقصف المقاطعة، أذا لم يسلم الـمطلوبون داخل الـمقر أنفسهم خلال ربع ساعة،وهم خلية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذين قتلوا الجنرال رحبعام زئيفي، إنتقاماً لمقتل الرفيق القائد أبو علي مصطفى،الذي إغتيل يوم 27/8/2001، وفؤاد الشوبكي المسئول المالي لحركة فتح المتهم بتمويل شراء سفينة الأسلحة ( كيرن أيه )،وآخرين من كتائب شهداء الأقصى.

وفي يوم 10/6/2002م، نفذ الجيش الإسرائيلي إقتحاماً جديداً من تلك الإقتحامات السافرة لمناطق السلطة الفلسطينية،وشرع بالإلتفاف حول مقر الرئيس ( المقاطعة)،وفي مساء اليوم التالي 11/6 لتلك العملية دخل الجنود الإسرائيليون منزلي المجاور للمقاطعة،وذلك بعد دخولي أليه بوقت قصير،لأنني في الأشهر الماضية تجنبت الإقتراب منه بسبب المعلومات الكثيرة حول نية الإسرائيليين إستهداف بعض قادة العمل الوطني،وكنت أخبئ سيارتي في المقاطعة.

وبدأ الجنود بحصار المنزل من الخارج أولاً،وعندما دخلوه وحصلوا على هويتي وتأكدوا من أسمي  أخبروني بأنني سأرافقهم،أي أن هناك أمراً بإعتقالي،وبالفعل خرجت من المنزل ونقلت الى مستعمرة بيت أيل الى الشمال من رام الله،ومن ثم الى معسكر الإعتقال عوفر،ومركز تحقيق بتاح تكفا،وهناك بدأ التحقيق بسؤالي عن علاقتي بالقيادة الفلسطينية،وعن الرئيس عرفات تحديداً،وماذا أعرف عنه وماذا يفعل .. الخ من هذه الأسئلة.

من خلال هذه الأسئلة أدركت بأن الحكومة الإسرائيلية تنفذ رؤية سياسية خاصة بها،وقائمة على إنهاء الإتفاق والعلاقة السلمية مع الطرف الفلسطيني، بعد مرور أسبوع على وجودي في التحقيق حضر الجنود وأخبروني بأن لدي محكمة أستغربت ذلك لأنه لم يكن لدي علم مسبق بتلك المحكمة،فخرجت أليها وكانت بجوار الزنازين،وفي غرفة  المحكمة التي إعدت من أجل هذه الغاية،كان بإنتظاري قاضي عسكري برتبة عقيد،ومترجم وممثل للإدعاء الإسرائيلي،وطلبت النيابة الإسرائيلية تمديدي لمدة خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيق .

وسألني القاضي أذا كان لدي ما أريد ان أقوله ؟.

فقلت له، نعم.

قال تحدث.

قلت، أريد أن أعرف لماذا أنا معتقل.

قال، أنت فعلاً لا تعرف.

قلت، لا.

فأنا جئت من الخارج لأنني عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية،وهذه صفتي الرسمية،وبها أتحرك وأتنقل في الضفة الغربية وخارجها،وأنتم من تمنحونني تصاريح التنقل بناء عليها،وأنتم تعلمون بأن ياسر عرفات نفسه لا يتمكن من مغادرة مقره أو الطيران بطائرته إلا بأذن مسبق منكم.

القاضي : أنا بقول لك،يجب أن تعلم ما هو الفرق بين الميت في السرير،والميت الذي ينتظر الدفن في الثلاجه.

قلت له: أذاً أنتم الآن تدفنون الإتفاق مع السلطة.

عندها أستفز،وهم بمغادرة مكانه قائلاً لي أفهما كما تشاء.

بعد ذلك أعادني الجنود الى الزنزانة،وأنا أفكر فيما قاله ذاك القاضي،الذي تعكس أقواله بكل تأكيد خفايا الموقف الإسرائيلي الرسمي حينها،والذي أصبح متداولاً داخل الأوساط العسكرية والسياسية الإسرائيلية،بعد ذلك تواصل معي التحقيق وكذلك جلسات التمديد،وفي مركز التحقيق ( هدار) بالقرب من تل أبيب،قابلني أحد ضباط التحقيق وبدأ حديثه معي بقوله، بتعرف أنت وين؟

قلت له نعم،أنا في بلدي،أنا في يافا،لأن بلدي الأصلي ومسقط رأسي ( أبو كشك) لا يبعد سوى كيلومترات قليلة عن هذا المكان،بعد ذلك نقلت الى سجن مجدو،وإستقبلني هناك بعد إدارة المعتقل الأخ أبو تحرير وكان ممثل الأسرى أمام إدارة المعتقل،وتم إيداعي في خيمة تابعة للجبهة الشعبية،وكانت خيام سجن مجدو مقسمة على هذا الأساس بين الفصائل،وبقيت في مجدو الى منتصف العام 2004م،وأنا في مجدو وقع الصدام الكبير بين الأسرى وإدارة السجن في آب 2003م،التي قمع خلالها الجيش الإسرائيلي الأسرى بقنابل الغاز المسيل للدموع بواسطة الطائرات المروحية،وفي سجن مجدو ألتقيت بالأخ المناضل لؤي عبده،ومن هناك نشأت المحاولة الأولى لصياغة وثيقة ( الوفاق الوطني )،وكان إعتراض حركة حماس على الفكرة حينها وكذلك إعترض حركة الجهاد الإسلامي سبباً في عدم إستكمال مساعي صياغتها.

المحاكمة.

في يوم 21/11/2004م، تمت محاكمتي في سجن عوفر،وأثناء تلك المحاكمة جرت مفارقة هامة معي من المناسب ذكرها هنا،وهي أن المحامي الخاص بي وهو الأستاذ ( رياض الأنيس ) طلب من القاضي تأجيل الجلسة لمدة شهرين،فوافق القاضي على الطلب،لكنه تراجع عن التأجيل بعد قليل،وطلب من المحامي التوجه الى قاضي الإستئناف لطلب مصادقته على التأجيل،وفي الطريق دخل المحامي الى مبنى الإدعاء العام، حيث رفض هناك المدعى العام الموافقة على طلب تأجيل المحاكمة،وقال بالحرف الواحد لمن حوله من الضباط والمساعدين والمحامي أيضاً،( روحوا إشووو وأنا غير موافق على الطلب،وأطلبوا له أعلى حكم ) وعدنا الى المحكمة،التي بدأت الساعة الحادية عشر صباحاً وأنتهت الساعة الخامسة مساءً،وكانت تهمتي الرئيسة بأنني عضواً قيادياً في تنظيم معادٍ،وعرضت قبل ذلك النيابة العامة الإسرائيلية على المحامي صفقة قوامها بأنه مطلوب مني التوقيع على إقرار مفاده ( بأنني أنتمي لتنظيم غير مشروع،وأن ما يقوم به هذا التنظيم غير مشروع أيضاً)،لأحصل بعد ذلك على تخفيض في الحكم،فرفضت هذا العرض أو حتى مجرد الإستماع أليه،في نهاية هذه الجلسة صدر الحكم علي بالسجن الفعلي سبع سنوات وثلاث مع وقف التنفيذ.

إستئناف الحكم .

رأى المحامي بأن هناك أمكانية للإستئناف على القرار، وبالفعل  إستئنف على الحكم،وبعد شهرين عقدت جلسة قرار الرد على الإستئناف على الحكم،وكانت جلسة مثيرة للسخرية،فكانت مدتها أقل من دقيقة، حيث قال القاضي العسكري الإسرائيلي ثلاث كلمات وهما ( بإختصار الإستئناف مرفوض ) وقام من مكانه وأنهى الجلسة،وكانت في سجن عوفر في  شهر 12/2004م،وبعد رفض الإستئناف بقيت في سجن عوفر لفترة من الزمن.

الصدام الكبير في سجن عوفر.

في يوم 29/11/2005م،وقعت مشكلة كبيرة بين الاسرى وإدارة السجن، وكان سببها إدعاء إدارة السجن بأن بعض الأسرى قاموا بتهريب أجهزة هواتف خلوية الى داخل السجن،أما السبب الحقيقي فهو أنه كان لدى إدارة السجن رغبة في تكسير بعض الرؤوس وفقاً للتعابير المستخدمة في وصف قادة الأسرى في السجن،ونقل عدد محدد منهم الى سجون أخرى،كنت أنا من بينهم،وأنا شخصياً تعرضت للضرب من قبول الجنود.

وقد بدأت هذه الأحداث في أقسام (1) و(2) و(6)،عندما قامت الوحدات الخاصة بإقتحامها قرابة الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل،مبتدئة بقسم (6)،وتجميع كافة أسرى القسم خلف الخيام،وتقييدهم والاعتداء عليهم بالضرب بأعقاب البنادق.

ومن الجدير ذكره هنا بأن فكي الأسفل تعرض لإصابة بالغة خلال تلك الإعتداءات،كما وأصيب أكثر من 32 أسيراً أذكر منهم خليل علي أبو عكر،من بيت لحم،وأيمن زهير الهشلمون من الخليل ،وعارف حريبات من دورا الخليل،و سائد عويضات من أريحا،و ناصر دودين من دورا،و راكان صلاحات من بيت لحم،و يوسف حمدان من دورا،و إياد عبيات من بيت لحم،و محمد جابر عطايا من رام الله ،و طارق النمورة من دورا،و حلمي أبو رحمة بلعين في رام الله،و فادي بلاطية من بيت لحم،و نضال رشماوي من بيت لحم،و مؤيد رحيمي رام الله،و مهند مكاوي من الدهيشة،و رائد حمامرة من حوسان في بيت لحم،و وليد دراغمة  من طوباس،و صالح أبو غالية من العيزرية،و أمين أبو عطوان من دورا الخليل،و محمود أبو عزام من يطا، وقد اقتاده الجنود رغم إصابته إلى الزنازين وتم احتجازه لساعات، قبل أن يعاد إلى خيمته،و فادي جوابرة من بيت لحم،و محمد الشاعر من بيت لحم،و سلمان نواورة  من بيت لحم،و محمد يوسف عساكرة من بيت لحم،و لؤي جواريش من بيت لحم،وقد احتجز أيضاً في الزنازين لساعات,و خالد تعامرة من بيت لحم،و أيوب طرايرة من بني نعيم ،و أيمن راضي إبراهيم من جنين،وقد تم تحويله إلى المستشفى بعد إصابته في الرأس والبطن، وقد أعيد لاحقاً إلى السجن،و عماد دقة من طولكرم،و مجد بدران من الخليل،و رأفت شلالدة من سعير الخليل،و بلال الأعرج من كفر نعمة رام الله. 

ورفضت إدارة السجن تقديم العلاج للغالبية العظمى منهم،وأكتفت بتقديم الإسعاف الأولي للحالات الى رأت بأنها خطيرة، فقامت بنقلهم إلى المستشفى في صباح اليوم التالي الى المستشفيات،في حين قام الأسرى غير المصابين بمعالجة من تبقى من المصابين داخل الخيام، دون أن تقدم إدارة المعتقل أدنى مساعدة طبية.

النقل الى سجن هداريم . وإنجاز وثيقة الوفاق الوطني.

من سجن عوفر نقلت الى سجن هداريم،وخلال وجودي في هدريم نقلت الى سجن رومونيم لفترة قصيرة،وأعدت الى سجن هداريم مجدداً،وفي سجن هدريم التقيت بالعديد من القادة الأسرى من مختلف الفصائل،كالأخ المناضل مروان البرغوثي وعبد الحافظ النتشه، ومصطفى بدارنه، وعلي الصفوري،وبسام السعدي، وجهاد القواسمي، وموسى دودين، وتوفيق نعيم، وروحي مشتهى وسمير القنطار، وبسبب تواجد هذه النوعية من الأسرى عادت فكرة الحديث عن إعداد وثيقة للوفاق الوطني الى السطح من جديد،وبالفعل بدأ نقاش مستفيض ومعمق بين الأسرى القادة للبحث عن أقوى وأضعف سبل التقاطع والإختلاف في الساحة الوطنية، للوصول الى أفضل صيغة جامعة للإتفاق على برنامج وطني موحد للعمل السياسي الفلسطيني،وأستمرت الحوارات داخل السجن لمدة شهرين كاملين مابين نقاش وحذف وإضافة للأفكار وكتابة مسوداتها وتعديلها،الى أن خرجت الوثيقة بالشكل المعروف لأبناء شعبنا،ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا الى أن كل الأسرى القادة تعاونوا بشكل مثمر وبناء في صياغة تلك الوثيقة الهامة،وأرسلت الوثيقة للخارج وتم التوافق عليها مجدداً من قبل كافة القوى ما عدا ( الجهاد الإسلامي في الخارج)،الذي تحفظ على بندي الإنتخابات والمفاوضات،ومن المعروف عن تلك الوثيقة أنها أكدت على  أن الشعب الفلسطيني في الوطن والمنافي يسعى من أجل تحرير أرضه وإنجاز حقه في الحرية والعودة والإستقلال وفي سبيل حقه في تقرير مصيره بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس الشريف على جميع الأراضي المحتلة عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين،وتحرير جميع الأسرى والمعتقلين، مستندين في ذلك الى حق شعبنا التاريخي في أرض الأباء والأجداد، والى ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، وما كفلته الشرعية الدولية، وعلى ضرورة الإسراع في إنجاز ما تم الاتفاق عليه في القاهرة آذار 2005 فيما يتعلق في تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وانضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي إليها بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وبما يتلاءم مع المتغيرات على الساحة الفلسطينية وفق أسس ديمقراطية ولتكريس حقيقة تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وبما يعزز قدرة منظمة التحرير في القيام والنهوض بمسؤولياتها في قيادة شعبنا في الوطن والمنافي وفي تعبئته والدفاع عن حقوقه الوطنية والسياسية والإنسانية في مختلف الدوائر والمحافل والمجالات الدولية والإقليمية وان المصلحة الوطنية تقتضي تشكيل مجلس وطني جديد قبل نهاية العام 2006 بما يضمن تمثيل جميع القوى والفصائل والأحزاب الوطنية والإسلامية وتجمعات شعبنا في كل مكان وكافة القطاعات والمؤسسات والفعاليات والشخصيات على أساس نسبي في التمثيل والحضور والفاعلية النضالية والسياسية والاجتماعية والجماهيرية والحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية أطاراً جبهوياً عريضا وإئتلافاً وطنياً شاملاً وإطاراً وطنياً جامعاً للفلسطينيين في الوطن والمنافي، ومرجعية سياسية عليا،وعلى حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتمسك في خيار المقاومة بمختلف الوسائل وتركيز المقاومة في الأراضي المحتلة عام 67 إلى جانب العمل السياسي والتفاوضي والدبلوماسي والاستمرار في المقاومة الشعبية الجماهيرية ضد الاحتلال بمختلف أشكاله ووجوده وسياساته، والاهتمام بتوسيع مشاركة مختلف الفئات والجهات والقطاعات وجماهير شعبنا في هذه المقاومة الشعبية،وعلى أهمية وضرورة وضع خطة فلسطينية للتحرك السياسي الشامل وتوحيد الخطاب السياسي الفلسطيني على أساس برنامج الإجماع الوطني الفلسطيني والشرعية العربية وقرارات الشرعية الدولية المنصفة لشعبنا تمثلها منظمة التحرير والسلطة الوطنية رئيسا وحكومة، والفصائل الوطنية والإسلامية، ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات والفعاليات العامة، من أجل استحضار وتعزيز وحشد الدعم العربي والإسلامي والدولي السياسي والمالي والاقتصادي والإنساني لشعبنا وسلطتنا الوطنية ودعماً لحق شعبنا في تقرير المصير والحرية والعودة والاستقلال ولمواجهة خطة إسرائيل في فرض الحل الإسرائيلي على شعبنا ولمواجهة الحصار الظالم علينا،وعلى ضرورة حماية وتعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها نواة الدولة القادمة هذه السلطة التي شيدها شعبنا بكفاحه وتضحياته ودماء وعذابات أبنائه وأن المصلحة الوطنية العليا تقتضي احترام الدستور المؤقت للسلطة والقوانين المعمول بها واحترام مسؤوليات وصلاحيات الرئيس المنتخب لإرادة الشعب الفلسطيني بانتخابات حرة ديمقراطية ونزيهة، واحترام مسؤوليات وصلاحيات الحكومة التي منحها المجلس التشريعي الثقة،وأهمية وضرورة التعاون الخلاق بين الرئاسة والحكومة والعمل المشترك وعقد الاجتماعات الدورية بينهما لتسوية أية خلافات بالحوار الأخوي استناداً إلى الدستور المؤقت ولمصلحة الوطنية العليا وضرورة أجراء إصلاح شامل في مؤسسات السلطة الوطنية وخاصة الجهاز القضائي،واحترام القضاء بكافة مستوياته وتنفيذ قراراته وتعزيز وتكريس سيادة القانون، ودعت الى تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس يضمن مشاركة كافة الكتل البرلمانية،وبخاصة حركتي فتح وحماس والقوى السياسية الراغبة على قاعدة هذه الوثيقة وبرنامج مشترك للنهوض بالوضع الفلسطيني محلياً وعربياً وإقليميا ودولياً ومواجهة التحديات بحكومة وطنية وقوية تحظى بالدعم الشعبي والسياسي الفلسطيني من جميع القوى وكذلك بالدعم العربي والدولي وتتمكن من تنفيذ برنامج الإصلاح ومحاربة الفقر والبطالة وتقديم أفضل رعاية ممكنة للفئات التي تحملت أعباء الصمود والمقاومة والانتفاضة وكانت ضحية للعدوان الإجرامي الإسرائيلي وبخاصة اسر الشهداء والأسرى والجرحى وأصحاب البيوت والممتلكات التي دمرها الاحتلال وكذلك العاطلين عن العمل والخريجين،واكدت على أهمية إخضاع أي اتفاق مع الإسرائيليين الى استفتاء جماهيري واسع النطاق،او عرضه على المجلس الوطني الفلسطيني الجديد للتصديق عليه،وأكدت على قدسية قضية الأسرى،والعمل على تحريرهم بإعتبارها واجب وطني مقدس يجب ان تقوم به وبكافة الوسائل القوى والفصائل الوطنية والإسلامية و(م.ت.ف) والسلطة الوطنية رئيساً وحكومة والتشريعي وكافة التشكيلات المقاومة،وأكدت على ضرورة العمل ومضاعفة الجهد لدعم ومساندة ورعاية اللاجئين والدفاع عن حقوقهم والعمل على عقد مؤتمر شعبي تمثيلي للاجئين ينبثق عن هيئات متابعة وظيفته التأكيد على حق العودة والتمسك به ودعوة المجتمع الدولي لتنفيذ القرار 194 القاضي بحق العودة للاجئين وتعويضهم،والعمل على تشكيل جبهة مقاومة موحدة باسم (جبهة المقاومة الفلسطينية)، لقيادة وخوض المقاومة ضد الاحتلال وتوحيد وتنسيق العمل والفعل المقاوم وتشكيل مرجعية سياسية موحدة لها،وعلى ضرورة التمسك بالنهج الديمقراطي وبإجراء انتخابات عامة ودورية وحرة ونزيهة وديمقراطية طبقاً للقانون، للرئيس والتشريعي وللمجالس المحلية والبلدية، واحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة والتعهد بحماية التجربة الفلسطينية الديمقراطية واحترام الخيار الديمقراطي ونتائجه واحترام سيادة القانون والحريات الضرورية والعامة وحرية الصحافة والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون تمييز وحماية مكتسبات المرأة وتطويرها وتعزيزها،ورفضت الوثيقة وأدانت الحصار الظالم على شعبنا الذي تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل ودعوة العرب شعبياً ورسمياً لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني و(م.ت.ف) وسلطته الوطنية ودعوة الحكومات العربية لتنفيذ قرارات القمم العربية السياسية والمالية والاقتصادية والإعلامية الداعمة لشعبنا الفلسطيني وصموده وقضيته الوطنية والتأكيد على أن السلطة الوطنية الفلسطينية ملتزمة بالإجماع العربي والعمل العربي المشترك،ودعت الشعب الفلسطيني للوحدة والتلاحم ورص الصفوف ودعم ومساندة (م.ت.ف) والسلطة الوطنية الفلسطينية رئيسا وحكومة وتعزيز الصمود والمقاومة في وجه العدوان والحصار ورفض التدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية،ونبذ كل مظاهر الفرقة والانقسام وما يقود إلى الفتنة،وأدانت الوثيقة إستخدام السلاح مهما كانت المبررات لفض النزاعات الداخلية وتحريم استخدام السلاح بين أبناء الشعب الواحد والتأكيد على حرمة الدم الفلسطيني والالتزام بالحوار أسلوبا وحيدا لحل الخلافات والتعبير عن الرأي بكافة الوسائل بما في ذلك معارضة السلطة وقراراتها على أساس ما يكفله القانون وحق الاحتجاج السلمي وتنظيم المسيرات والتظاهرات والاعتصامات شريطة أن تكون سلمية وخالية من السلاح ولا تتعدى على المواطنين وممتلكاتهم والممتلكات العامة،واكدت الوثيقة على أن المصلحة الوطنية تقتضي ضرورة البحث عن أفضل الأساليب والوسائل المناسبة لاستمرار مشاركة شعبنا وقواه السياسية في قطاع غزة في وضعه الجديد في معركة الحرية والعودة والاستقلال وتحرير الضفة والقدس، وبما يجعل من القطاع الصامد رافعة وقوة حقيقية لصمود ومقاومة لشعبنا في الضفة والقدس وان المصلحة الوطنية تقضي بإعادة تقييم الوسائل والأساليب النضالية الأنجع في مقاومة الاحتلال،ودعت الى ضرورة إصلاح وتطوير المؤسسة الأمنية الفلسطينية بكل فروعها على أساس عصري وبما يجعلها أكثر قدرة على القيام بمهمة الدفاع عن الوطن والمواطنين وفي مواجهة العدوان والاحتلال وحفظ الأمن والنظام العام وتنفيذ القوانين وإنهاء حالة الفوضى والفلتان الأمني وإنهاء المظاهر المسلحة والاستعراضات ومصادرة سلاح الفوضى والفلتان الأمني الذي يلحق ضرراً فادحاً بالمقاومة ويشوه صورتها ويهدد وحدة المجتمع الفلسطيني وضرورة وتنسيق وتنظيم العلاقة مع قوى وتشكيلات المقاومة وتنظيم وحماية سلاحها،ودعت الوثيقة المجلس التشريعي لمواصلة إصدار القوانين المنظمة لعمل المؤسسة الأمنية والأجهزة بمختلف فروعها والعمل على إصدار قانون يمنع ممارسة العمل السياسي والحزبي لمنتسبي الأجهزة والالتزام بالمرجعية السياسية المنتخبة التي حددها القانون،ودعت الوثيقة أيضاً الى العمل الجماعي والمنظم من أجل توسيع دور وحضور لجان التضامن الدولية والمجموعات المحبة للسلام لدعم صمود شعبنا ونضاله العادل ضد الاحتلال والاستيطان وجدار الفصل العنصري سياسيا ومحلياً ومن اجل تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي والمتعلق بإزالة الجدار والاستيطان وعدم مشروعيتها.

وبعد أن تمكن الأخ مروان البرغوثي من إخراج الوثيقة الى خارج الأسر،بادر الدكتور عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الى فتح ورشة وطنية موسعة للنقاش السياسي المسؤول لتطبيق ما دعت أليه وثيقة الوفاق،وفي يوم 26/6/2006م، أعادت كافة الفصائل التأكيد على ما عرف لاحقاً بوثيقة الوفاق الوطني،بإستثناء الجهاد الإسلامي،الذي تحفظ على بندي المفاوضات والانتخابات،كما ذكرت،مع تأكيده على باقي النقاط الإيجابية الأخرى الواردة فيها،والتي شكلت القاعدة السياسية والوطنية لإتفاق مكة الشهير الذي أفضى الى تشكيل أول حكومة وحدة وطنية فلسطينية منذ تأسيس السلطة.

التحرر من الأسر .

في شهر  7/2007م، تم إستدعائي من قبل إدارة المعتقل وأبلغت بأنني مرشحاً للإفراج عني ضمن حملة إفراجات قادمة، ويجب ترحيلي الى سجن النقب،لأنه أتضح بأن المفرج عنهم يتم تجميعهم هناك،في هذه الأثناء طبت مني إدارة السجن التوقيع على تعهد ، مفاده ( بأنني ملتزم بعدم العودة الى ممارسة أعمال العنف ضد إسرائيل)،وهو تعهد يوقع عليه غالبية من يتم الإفراج عنهم للأسف ضمن الصفقات أو حملات الإفراج من الأسر الإسرائيلي،أنا بدوري أبلغت إدارة السجن بأنني أرفض هذا الأمر بأي شكل من الأشكال،وعلى الفور قامت إدارة السجن بنقلي الى زنازين المعتقل كمقدمة لحرماني من الإفراج،في هذه الأثناء تحدث معي صائب عريقات على هاتف إدارة السجن،وأبلغني بأنه هو من سيوقع على ذاك التعهد،وأنه سيتحمل المسؤولية عن توقيعه،فقلت له أنت حر،أما أنا فلن أوقع أبداً،في اليوم التالي نقلت مع العديد من الأسرى المفرج عنهم الى سجن عوفر،وهناك كان بإنتظارنا السيد حسين الشيخ،وكان معه مسؤول من الإدارة المدنية،الذي طلب من إدارة السجن فك قيودي التي كانت تحيط بقدمي ورجلي،وأطلق سراحنا من عوفر بصحبة حسين الشيخ الذي نقلنا الى المقاطعة وكان الأخ الرئيس أبو مازن بإنتظارنا،وكان إستقباله لنا إستقبالاً أخوياً وحاراً.

شارك المقال عبر:

د. صلاح الدين عودة من جامعة القدس يفوز بجائزة أفضل ورقة علمية في مؤتمر عالمي تنظمه جمعية IEEE
د . ابو الحاج يطالب المؤسسات الدولية بموقف واضح تجاه قضية الاسرى

آخر الأخبار

ربما يعجبك أيضا

Al-Quds University