كشفت دراسة صادرة عن حاضنة الأعمال والتكنولوجيا في جامعة القدس (BCITE)، عن مشهد ريادي حيوي في القدس الشرقية، يقوده شباب يتمتعون بروح الابتكار والقدرة على الصمود رغم الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تحدّ من فرص العمل وتعيق بيئة الأعمال.
وجاءت الدراسة ضمن مشروع التمكين الاقتصادي للشباب في فلسطين (YEP)، المنفذ بالشراكة مع الوكالة البلجيكية للتعاون الدولي والممول من الاتحاد الأوروبي.
وأظهرت النتائج أن ريادة الأعمال أصبحت من الخيارات القليلة المتاحة أمام الشباب المقدسي لتحقيق الاستقرار المالي، حيث أنهم ما زالوا يواجهون تحديات كبيرة تتعلق بتعقيد القوانين، وصعوبة تسجيل المشاريع، وقيود الوصول إلى التمويل.
واعتمدت الدراسة على منهجية بحث نوعي من خلال جلستين نقاشيتين شارك فيهما 55 شخصًا بينهم 22 رياديًا وريادية (12 شابة و10 شباب)، و33 ممثلاً عن مؤسسات من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني.
وتمحورت النقاشات حول تجارب الشباب في تأسيس مشاريعهم في ظل الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الفريد في القدس.
وبيّنت الدراسة أن العديد من الشباب يلجؤون إلى تأسيس مشاريع منزلية أو غير رسمية، مستفيدين من شبكاتهم الاجتماعية والأدوات الرقمية والتعلم الذاتي لتجاوز القيود المفروضة على سوق العمل. كما أبرزت أن تداخل القوانين والصلاحيات الفلسطينية والإسرائيلية يشكل عائقًا كبيرًا أمام تسجيل المشاريع ودفع الضرائب، مما يحدّ من فرص تطوير المشاريع الريادية بشكل رسمي ومستدام.
وأشار المشاركون إلى شعورهم بالتهميش من المنظومة الريادية الوطنية، نتيجة تركّز المبادرات في رام الله ومدن الضفة الغربية، كما لفتوا إلى غياب التمويل الملائم لتكاليف التشغيل المرتفعة في المدينة، وضعف الخبرة المحلية في تقديم الإرشاد المهني المتخصص بالسياق المقدسي.
وأظهرت الدراسة فجوة واضحة بين فرص التمويل واستعداد المشاريع، حيث يسعى العديد من الشباب للحصول على منح دون امتلاك خطط عمل أو نماذج مشاريع متكاملة. وأظهرت كذلك نقصًا في البنية التحتية الداعمة للابتكار، خاصة في مجال المشاريع التقنية. وأكدت النتائج على ضعف مشاركة الشباب في تصميم وتنفيذ البرامج والسياسات الريادية، داعية إلى إشراكهم بشكل فعّال في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ والتقييم لضمان استدامة وفاعلية الجهود المبذولة.
بناءً على هذه النتائج، شرعت حاضنة الأعمال والتكنولوجيا (BCITE) في تنفيذ عدد من التوصيات المستخلصة من الدراسة ضمن برنامج احتضان الشركات الناشئة في مشروع التمكين الاقتصادي للشباب في فلسطين، الذي تنفذه جامعة القدس بالشراكة مع الوكالة البلجيكية للتعاون الدولي وبتمويل من الاتحاد الأوروبي. وتركز الخطوة المقبلة على توسيع الإرشاد المتخصص، وتحسين الوصول إلى التمويل، وتعزيز التنسيق المؤسسي لبناء منظومة ريادية أكثر شمولية ومرونة في القدس.