أظهرت دراسة حديثة أعدتها حاضنة الأعمال والتكنولوجيا في جامعة القدس (BCITE) ضمن مشروع التمكين الاقتصادي للشباب في فلسطين (YEP)، المنفذ بالشراكة مع الوكالة البلجيكية للتعاون الدولي والممول من الاتحاد الأوروبي، أهمية التعاونيات كنموذج جماعي يمكن أن يسهم في تعزيز الصمود الاقتصادي وتمكين المجتمعات على المستوى المحلي.
وأُجريت الدراسة في شهري آب وأيلول 2024 بمشاركة 36 فردًا، منهم 18 شابة و18 شاب، من الأعضاء الحاليين والمحتملين في التعاونيات، بالإضافة إلى عدد من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الراغبين في إنشاء تعاونيات، حيث نُظمت جلسات نقاشية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وبإشراف حاضنة الأعمال والتكنولوجيا (BCITE) الذي ينفذ برنامج التمكين الاقتصادي للشباب في فلسطين بالشراكة مع الوكالة البلجيكية للتعاون الدولي، وبدعم من الاتحاد الأوروبي .
وأظهرت النتائج أن النموذج التعاوني يتمتع بقدرة عالية على التكيّف والصمود في وجه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما يجعل منه أداة فعّالة لدعم الشباب المقدسيين في مواجهة تقلبات سوق العمل وتزايد التحديات الاقتصادية.
ودعت الدراسة المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تخصيص تمويلات موجهة لدعم التعاونيات والمبادرين في القدس، باعتبارها آلية لحماية سبل العيش وتعزيز التنمية المحلية المستدامة.
وأوصت الدراسة بإنشاء برامج احتضان متخصصة بالتعاونيات، تشمل التدريب على الحوكمة التعاونية، ودراسات الجدوى، والتخطيط المالي، والاستدامة، إضافةً إلى تطوير مهارات الإدارة المالية، والرقمنة، والممارسات الديمقراطية داخل التعاونيات.
كما شددت الدراسة على أهمية تعزيز آليات التمويل الداخلي في التعاونيات، مثل الأسهم التفضيلية، والمساهمات الرأسمالية للأعضاء، وصناديق الاحتياط غير القابلة للتوزيع، وصناديق الضمان، وغيرها من أساليب تقاسم المخاطر. وذلك بهدف تحسين الجدارة الائتمانية للتعاونيات وزيادة فرصها في الحصول على التمويل والاستثمار.
وبيّنت الدراسة أن القطاع التعاوني في القدس ما يزال في مراحله الأولى، إلا أنه يمتلك إمكانات كبيرة غير مستغلة بعد. وأوصت بضرورة توفير الدعم القانوني والتشغيلي اللازم لتسهيل تسجيل التعاونيات، وتنظيم التزاماتها الضريبية، وضمان وصولها إلى آليات الدعم اللوجستي والتمثيل النقابي.
كما كشفت الجلسات النقاشية عن ضعف الوعي العام بمفهوم التعاونيات، ووجود خلط بين العمل التعاوني والعمل الخيري. ولتغيير هذا المفهوم، أوصت الدراسة بدمج مبادئ العمل التعاوني في المناهج الدراسية الثانوية والجامعية لترسيخ ثقافة التعاون والتضامن منذ المراحل المبكرة، وإطلاق حملات توعية عامة لزيادة فهم النموذج التعاوني وتعزيز حضوره بين الشباب ورواد الأعمال، وتشجيع الشراكات بين الجامعات والمعاهد المهنية والاتحادات التعاونية لتطوير برامج تدريب وبحوث وإرشاد مشترك.
وقد بدأت حاضنة الأعمال والتكنولوجيا (BCITE) بالفعل بتطبيق عدد من هذه التوصيات من خلال برامج الاحتضان والتدريب التعاوني ضمن مشروع YEP، المنفذ بالشراكة مع الوكالة البلجيكية للتعاون الدولي والممول من الاتحاد الأوروبي، حيث أنهت أول دفعة من المتدربين برنامجها بنجاح، في خطوة تُعدّ أساسًا لبناء منظومة تعاونية أقوى في القدس. وستواصل الحاضنة تطوير نموذجها لضمان حوكمة أكثر فعالية، وتوسيع الوصول إلى التمويل، وتعزيز التنسيق المؤسسي، بما يمهّد لجيل جديد من الابتكار التعاوني القائم على التضامن والاستدامة والاعتماد على الذات.