الهيئة الاكاديمية والموظفين

د. ابو الحاج : التجربة العظيمة للاسرى هي تاج فخار لكل فلسطيني ولكل احرار العالم

عدد المشاهدات: 88

د. ابو الحاج : التجربة العظيمة للاسرى هي تاج فخار لكل فلسطيني ولكل احرار العالم

الاسير المحرر جمال ربايعة يروي محطات هامة من تجربته الاعتقالية والنضالية

ولد الاسير المحرر جمال حسن يوسف ربايعة في بلدة ميثلون في محافظة جنين بتاريخ 2-4-1952 ، وتعلم في مدارسها بالمرحلتين الاساسية والاعدادية واكمل جزء من تعلميه في جنين وبلدة سيلة الظهر لغاية الثانوية العامة ، وقد اعتقل لمدة اسبوع في عام 1969 واستر اعتقاله لمدة اسبوع ، ليعتقل للمرة الثانية بالعام 1970 وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 8 شهور ، اما اعتقاله الثالث وهو الاطول والاكثر نضجا وعمقا فقد استمر لمدة 11 عاما من 1974 -1985 ، وهو الان متزوج واب لستة ابناء ولدان واربع بنات ومتقاعد عسكري ، ويروي اهم محطات تجربته الاعتقالية  

الاعتقال الاول والثاني

بالعام 1969 كنت ادرس في مدرسة حيفا الثانوية في جنين ، وفي تلك الاثناء تم تنظيمي في صفوف حركة فتح من قبل الشهيد "حسين ابو الهيجا " والذي استشهد في جنوب لبنان في نفس السنة ، وتركز نشاطي على المشاركة في العمل الطلابي والمظاهرات ، حيث كان هذا طابع تلك المرحلة واعتمادها كان على الطلبة ، وعلى اثر ذلك فقد تم اعتقالي ونقلي الى سجن جنين للتحقيق والذي استمر اسبوعا يتخلله بشكل يومي الضرب المبرح على كافة اعضاء جسدي ، غير ان بقائي لمدة اسبوع اكسبني الكثير ، حيث تواجد في تلك الفترة اسرى معركة الكرامة والذين منحونا الدافع القوي للاستمرار ، فمن المعروف ان اسرى الكرامة كانوا قد شكلوا حالة قوية وفريدة نتيجة لبطولاتهم بالمعركة والذين افرج عنهم سنة 1970 بعد مطالبة الملك حسين بالافراج عنهم .

اما اعتقالي الثاني فقد تم بالعام 1970 مع اخوة آخرين من نفس بلدتي ، بتهمة الانتساب لحركة فتح والمشاركة بالمظاهرات وتوزيع المنشورات ، والتي تركزت على العملاء والذين تفاقمت ظاهرتهم في تلك الاثناء ، حيث جرى اعتقالي من بيتي واقتيادي لسجن جنين للتحقيق وتم الحكم علي بالسجن لمدة 8 شهور ، وهناك التقيت بعدد كبير من الاخوة والذين كانوا يكبروني سنا وتجربتهم النضالية اكثر نضجا ، والذين شكلوا ايضا قدوة لنا في مقاومة الاحتلال مثل "ابو عمر الدحلا " من بلدة قباطية وكان عمره يقارب ال 80 عاما ، والحاج ابو العارف فقها من بلدة طوباس .

واما الحالة الاخرى والتي استفدنا منها كثيرا ، فكانت حالة التنوع من شرائح المجتمع " اطباء وممرضين ومعلمين وعمال وفلاحين " ،وقد منحنا ذلك فرصة التعرف على كوادر اكثر عمقا وتاثيرا بالعمل الوطني ،وفي تلك الفترة لم يكن الفرز التنظيمي معروفا في سجن جنين ، حيث كان التركيز فقط على مقاومة الاحتلال ، واما اثناء وجودي في السجن فقد حدثت احداث عظيمة التأثير منها وفاة الزعيم القومي جمال عبد الناصر ومنها ايضا احداق ايلول الاسود ، وبعد خروجي من السجن اكملت الدراسة في بلدة سيلة الظهر حيث لم يسمح لي باكمالها في جنين ، وانتقلت ايضا الى مدرسة الفاروق في نابلس وانهيت الثانوية العامة ، وبقيت بلا اي نشاط يذكر مع ابقائي على التواصل مع كل الكوادر التي عرفتها سابقا .

الاعتقال الثالث

استمريت على هذا الحال الى سنة 1974 ن حيث قمت بتجديد نشاطي لكن هذه المرة كنشاط عسكري عن طريق الاخوة بالمجموعة الاولى ،وبدأنا الاعداد للعبوات الناسفة والتخطيط السليم للعمل العسكري ، وبالفعل قمنا بتجهيز عبوة ناسفة بعد تكليفنا من الخارج من قبل الاخ الشهيد ابو جهاد ، وضعناها في نقطة اسرائيلية في مدينة " العفولة" ، وبتاريخ 12-7-1974 ،تم تجهيز العبوة الثانية ليتم وضعها في مفرق "اللجون " على طريق حيفا ، وفي طريقي لوضع العبوة انفجرت العبوة معي بالسيارة وذلك بسبب وجود خلل بالتصنيع ،الامر الذي الحق بي جروح كبيرة في جسدي وتم ايضا بتر اصبع يدي بالاضافة لشذايا اخرى في بطني .

وعلى اثر ذلك تم نقلي من قبل مجموعة من الناس الى مستشفى جنين ، ولم تمضي دقائق حتى حضرت قوة اسرائيلية لاعتقالي ،ولم يسمحوا للاطباء بعلاجي والتأكد من ان وضعي لا يهدد حياتي ، وتم نقلي الى مستشفى العفولة واجروا لي عملية جراحية ،ومن المفارقات الصعبة هنا انه مضى على اعتقالي اكثر من 20 يوما ولم يكن اهلي يعرفوا باني معتقل ،وبدا الحديث بانه تم استشهادي وقد جهزوا لي قبرا وشرب الاهل حسرتي على اعتبار اني استشهدت وقد علمت بذلك حين حضرت والدتي لزيارتي لاول مرة .

ابتدا التحقيق معي وانا على سرير المستشفى ،ولكون جسدي مهشما من الاصابة ، فلم يجدوا مكانا فلم يجدوا مكانا لتعذيبي به سوى الضغط على عيوني وعلى صدري ، امضيت اسبوعا ونقلت بعدها الى مستشفى سجن الرملة وهناك وبسبب سوء وضعي الجسدي فقد التقيت بالاسير هاشم سلامة من بلدة فقوعة والذي كان يقوم بخدمتي واطعامي بيده الواحده حيث كانت يده الاخرى مبتورة والتقيت ايضا بالشعر الفلسطيني "راجح السلفيتي " والذي كان سيطه يملا الدنيا .

بعد مضي ما يقارب شهر ونصف تم نقلي الى سجن نابلس واعيد التحقيق معي مرة اخرى نوبعد ذلك تم نقلي الى سجن جنين وامضيت 4 شهور ومنه الى سجن " كفار يونا " بيت ليد ، حيث كانت هناك الجبهة الوطنية الموحدة والتي تضم الحزب الشيوعي وفتح والصاعقةوالتي كانت فاعلة جدا في بيت ليد ، والتقيت هناك بالمطران "كبوتشي " وخلية اولاد الملاعبي والشيخ محمد ابو طير ، اي انه التقى هناك الهلال بالصليب في جبهة واحدة كعادتهما لمقاومة الاحتلال ، بعد ذلك تمت محاكمتي بمحكمة اللد العسكرية وحكمت بالسجن لمدة 20 عاما وتم نقلي الى بئر السبع .

لحظة دخولي الى سجن بئر السبع شعرت باني ادخل الى قلعة نضالية وتم استقبالنا وكان معي عبد الرحيم النوباني ودخلنا الى غرفة رقم "6" ن وهناك بدا العمل التنظيمي الحقيقي ، حيث كان السجن مليء بالكفاءات والكوادر القادرة على ترتيب الفكر التنظيمي واذكر منهم " محمد لطفي ،هشام زينة ، مجاهد محمد ،عاهد عبد المجيد ، قدري ابو بكر ، هشام عبد الرازق ، محمود الطويط وهو اسير اردني ، محمد البيروتي ، نظام براهمة ، مجاهد سعيد ، احمد ابو غوش ،ربحي حداد ،راضي جراعي ، رشيد ابو شباك ، ذياب اللوح  ن عدلي صادق ، ابو صقر من السعودية ، زياد النخالة " .

بهذه المرحلة بدأت الدراسة على يد من سبقوني من كراسات حركية والادبيات التنظيمية ، وكان ذلك عبر الجلسات وايضا عبر الاهتمام الفردي ، وامتازت تلك الفترة في سجن بئر السبع بانها فترة الالتزام الحديدي بالتربية الوطنية والتعبئة التنظيمية ، والتنوع الذي كان في غرفة رقم 6 منحني دافع قوي للقراءة وهنا ارجع واستذكر كل من " جمال منصور ، جبريل الرجوب ، حسن المرقطن ، احمد ابو هدبة ، موسى جمعة ،يونس الرجوب ، خليل ابو زياد ، عمر ابو شملة " والهدف من ذكر هؤلاء هو التركيز على الزخم والجهد الذي بذلوه لصناعة الفكر الثوري السليم لمواجهة الاحتلال .

وكان اسلوب ادارة الحياة التنظيمية هو عبر الانتخابات الداخلية ، وامتازت تلك الفترة ايضا بنكران الذات لدرجة ان الشخص لم يكن ينتخب نفسه ،وانا انتخبت عضوا بالمجلس الثوري بالعام 1976 ،وعضوا باللجنة المركزية فيما بعد ، وانا اقول انا سجن بئر السبع شكل تجربة نضالية شهد لها العدو بصلابتها وبقوة تنظيمها الداخلي وتماسكها وهي تجربة لن تنسى لكل من عايشها.

تجربة عسقلان

في نهاية العام 1978 وبداية 1979 نقلت الى سجن طولكرم مع مجموعة ما يقارب ال 80 اسيرا ، وكان هذا السجن سيء فهو تحت الارض ونسبة الرطوبة عالية جدا ، وكان هناك ايضا محمد لطفي وجبريل الرجوب واحمد سعدات ، والتقيت ايضا بمروان البرغوثي وقمت بالشرح له واعطاءه كل ما تعلمته انا قبله ،ولم امكث طويلا ،فقد جرى نقلي الى سجن عسقلان وهناك كان ايضا كادرا قويا مثل الشيخ عمر وعزمي الاطرش وآخرين ، وتميزت الفترة التي امضيتها هناك بانها كانت غنية بكل المعايير تنظيميا وفكريا وثقافيا ، ومن الجدير ذكره ان سجن عسقلان قد اغلق لمدة 11 عاما لا احد يغادر منه ولا احد ينقل اليه نوخلال هذه السنوات حدثت احداث مهمة ومفصلية في تاريخ الاسرى ، منها ظهور التيار الديني والذي نادى به جزء من كوادر فتح وقوات التحرير الشعبية واحد كوادر القيادة العامة ، كما وظهر التيار الديمقراطي للسلام والذي ظهر بعد زيارة السادات لاسرائيل وهو ايضا خليط فصائلي ، وما كان يميز عناصره انهم جميعهم مروا بازمات نفسية وتنظيمية واجتماعية ،وملخص طرحهم ان الخطوة التي قام بها السادات هي خطوة بالاتجاه الصحيح ويجب الافادة منها ،وقد تم مواجهة كل هذه الظواهر بالتحييد والعزل .

سجن نفحة

نقلت الى سجن نفحة وكان معي الشيخ عمر ابو شملة وعبد الرحيم النوباني ، ووجدت هناك ما يقارب ال 80 اسيرا تم تجميعهم من مختلف السجون ليتم وضعهم في معزل صحرواي للقضاء على نفوذهم وتأثيرهم على باقي السجون ،ولقد شكلت تجربة سجن نفحة حالة فريدة في ابعادها التي وصلت لكل انحاء العالم ، حيث استطاع الاسير الفلسطيني من ادخال القضية الفلسطينية الى منابر العالم من خلال الاضراب الشهير الذي نضم بهذا السجن  .

ومن ما ميز هذا الاضراب انه لم يكن هناك ولا اي حالة تساقط ، حيث الكل كان مستعدا للاضراب الى الابد لتحقيق المطالب او الاستشهاد ، وبالفعل تم تحقيق انجازات شكلت بتاريخ السجون مفصلا مهما ، واذكر هنا الخطاب التاريخي لجبريل الرجوب للصحفيين وتحديه لمير مصلحة السجون "حاييم ليفي " بان يناظره على شاشات التلفزيون لاظهار بشاعة وحقد قرارت مصلحة السجون بحق الاسرى نوحينها لم يستطع "ليفي " ان يرد ولا باي كلمة نوكان لهذه الحادثة اثر كبير بتحقيق نتائج الاضراب ن اما على الصعيد الداخلي فقد ذاب الشعور بالفصائلية بالمطلق واصبح الكل موحدا بكل ما للكلمة من معنى .

بئر السبع من جديد

في اواخر 1983  وبداية 1984 نعدت الى سجن بئر السبع ، واذكر انه طلب مني استلام الموجه العام ولكني رفضت ، والتقيت هناك فهد ابو الحاج واحمد ابو غوش وآخرين ، وانا هنا لا بد لي من ذكر تجربتين للاسير فهد ابو الحاج والاسير خليل عاشور ،ليس لشخصهما ،ولكن للرسالة التي حقوها حيث كان كلامها شبه امي وحققوا المستحيل من خلال ما تعلموه بداخل السجن نوالذي هو بكل تأكيد جزء من ارادة الاسير الفلسطيني بالتعلم وصقل الشخصية الوطنية والتنظيمية ، حيث كان ابو الحاج صغير السن وتميز بنشاط اجتماعي كبير واطلق عليه لقب " ابو الاشبال " .ونقلت بعد ذلك الى سجن جنيد الى حين اطلاق سراحي بتبادل العام 1985 .

وحين قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية شغلت منصب مدير الامن الوقائي على المعابر ، وتلخصت تجربتي المهنية بضرورة تعويض المواطن الفلسطيني عن الاهانات التي كان يلقاها على المعابر الاسرائيلية ، حيث ان قدوم السلطة جاء بعد نضال وتعب طويل لا لشيء بل فقط لتحسين ظروف الناس وتعويضهم عن سنوات الحرمان ، وانا اعتقد انه بفترة وجودي على المعابر تحقق هذا الامر .

شارك المقال عبر:

مشاركة د.أكرم رحال عميد كلية الادارة و الاقتصاد في المؤتمر الثالث حول تاريخ المحاسبة
مشاركة الدكتور ابراهيم عوض من كلية الادارة في المؤتمر العالمي للتمويل “ World Finance conference”

آخر الأخبار

ربما يعجبك أيضا

Al-Quds University