الأنشطة الطلابية

العنف في جامعة القدس.. عربدة ام حرية،، تحقيق صحفي أجراه الطالب يوسف شكارنة

عدد المشاهدات: 241

shak1

لو سؤل احدهم عن العنف لأجاب: إنه كل فعل يهدف الى إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بالآخرين، والعنف الطلابي قد يكون ضد المعلمين أو ضد الجامعة وممتلكاتها أو بين الطلاب أنفسهم، والعنف عادة ما ينتج من الشعور بالإحباط، وعدم الاتزان النفسي وانعدام التوجيه التربوي ودوافع كثيرة تخصنا كمجتمع فلسطيني، وأسباب مختلفة خاصة بوضع معقد آخر من نوعه متعلق بجامعة القدس نفسها.

العنف في جامعة القدس.. عربدة أم حرية؟

عن هذا السؤال يجيب محمد صبيح طالب الحقوق: طبعا هي عربدة وسببها هو غياب قوة تطبيق القانون بشكل قوي داخل الجامعة في غياب القدرة على تنفيذ هذه القوانين، وشذوذ الطلبة عن القانون قد يكون بسبب ضعف نفسي وعدم قدرة الطلبة على التعبير عن أرائها، فتعتقد إن كل شيء يمكن حله بالقوة واستخدام ثقافة العضلات، فاستبعدوا العقل في مثل هذه الحالات، فالأسلوب الدبلوماسي وأسلوب التفاوض أفضل بكثير وفعالية.

اما هدى طاهر تضيف: انا طالبة في جامعة القدس، كلما رأيت شيئا من مظاهر العنف أرى أن أسبابها حقيقتا تافهة، فيمكن تكون على موضوع علاقة مع إحدى الطالبات أو إما على قضية نقود مثلا.

وأسباب العنف كثيرة، احدها يكون بسبب محاولة الطلاب في السعي نحو إثبات أنفسهم في أحدا المواقف المتكررة، أو هو شيء نحو تحقيق الذات باعتقادهم، والتي هي في ثقافتنا الجديدة وهي جميعها عبارة عن "تفريغ" .

اما د. محمد الريماوي رئيس دائرة التخطيط الجامعي فكان له رأي آخر فيقول: إن الطلبة الذين يقومون بخلق المشاكل في الجامعة غالبا ما يكونوا نفس الطلبة أو نفس التجمعات، العنف ظاهرة موجودة وقوية، لأنه كان هناك غياب للنظام وسلطة القانون كمان إن جزء من ثقافتنا إن تكون عنيف حتى تأخذ حقك، فتلجأ إلى النظام العشائري، والأحزاب والأصل الجغرافي وهذه المنظومة التي يتعامل بها الناس في هذه البلد، فأصبحت هذه الطرق هي الوحيدة التي تستطيع إن تأخذ حقك من خلالها وبالإضافة للاضطهاد السياسي والجسدي والفكري، فهذه الأشياء طاقة كامنة فيعبر عنها بطرق العنف المختلفة خاصة الجسدي منها فباعتقادي إن العنف موجود وليس له علاقة بالحرية.

العنف الجسدي

يعتبر هذا السلوك العدواني من اخطر المشكلات التي تواجه الوسط الجامعي بمكوناته المختلفة ، ويلجأ البعض للعنف حين يعجز العقل عن الإقناع ويبدأ بعجزه عن الإدراك والفهم وذلك حين يعجز العقل عن ممارسة عمله الأساسي وهو الإحاطة بالأشياء التي حوله والعلاقات بينها، فثمة عجز عن العلم والفهم مما يؤدي إلى انغلاقه وفي انغلاق العقل تتكلم اليد .

وفي هذا الصدد تحدث الدكتور موسى دويك محاضر في كلية الحقوق قائلا: هناك ظواهر جديدة في المجتمع الجامعي الفلسطيني بناءً على ملاحظاتي وتجربتي الشخصية وتدريسي في الكثير من الجامعات، فالعنف خاصة الجسدي بين الطلاب أنفسهم أو بين الطلاب والمدرسين أو مع النظام الأمني وحرس الجامعة أنها ظاهرة جديدة أو أنها لم تكن بهذه الحدة، كما يستدعي اللجوء للعنف كثير من الأسباب التي تولد الضغط والقلق عند الطالب لتفريغ ما عنده من عنف في علاقته مع زملائه داخل المؤسسة الجامعية، قد تكون الأسرة سببا في ذلك أو الظرف الاقتصادي وليس فقط الاحتلال وهذه ليست مشكلة فردية إنما جماعية فعلينا جميعا المساهمة في إيجاد حلول جيدة لهذه الإشكالية.

تفاوت ثقافي ومنهج تربوي أم بيئة اجتماعية

خلال مقابلتي للدكتور موسى دويك قال: في مجتمعنا الفلسطيني  هناك تقارب في القيم والعادات والتقاليد بشكل عام لكن تختلف نسبيا من منطقة أو من قرية إلى أخرى، فان هذه الاختلافات قد تكون احد الأسباب فيما يحصل من مشاكل داخل الجامعة خاصة فيما بين الطلبة، فمثلا قد يكون هناك طالب من مجتمع قروي محافظ قد يرى أمور لا يتقبلها من قبل فئات أخرى تنظر على إنه عمل عادي فهذه الأمور تدفع إلى احتكاك وتصادم.

اما الدور التربوي التي تقدمه الجامعة أجاب دويك: الدور التربوي ليس ملقى على عاتق الجامعة فقط هو دور متكامل يبدا من الأسرة ويمتد في المدرسة وينتهي في حرم الجامعة، وان حرم الجامعة بمضامينه الواسعة يحتاج إلى أساليب جديدة في تنمية التربية والقيم ما بين طلاب الجامعة،  وان  الانتقال من مجتمع مقيد غير مختلط في المدارس ما عدا القلائل إلى مجتمع أكثر انفتاح في الجامعة فهذا يخلق نوع من العنف أيضا تبعا للمستوى التربوي، وردة فعل معاكسة عند الكثير من الطلاب والطالبات نتيجة للتربية وتفاوت ثقافي بينهم.

ومتابعة للموضوع سألت الدكتور عماد أبو كشك  نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية والمالية هل ترى إن دخول الطالب إلى الجامعة بعمر 18 سنة هي عملية تربوية متأخرة أجاب ببساطة: التربية يجب إن تكون من سن مبكر جدا منذ الروضة، وزرع القيم التي تقلل من العنف والتي يريدها المجتمع، ولأنه لا يتم تعزيز هذه القيم  وحتى كون المُدرس غير مقتنع بها وهذا العمل يجب القيام به على مستوى من المدارس وبوقت مبكر جدا حتى تخلق المنظومة القيمية المجتمعية التي على أساسها تلغي ظاهرة العنف لأنه يصبح هناك منظومة تحكم الطالب.

وفي استطلاع لأراء الطلبة قالت صابرين عمر طالبة كلية العلوم: العنف في الجامعة أصبح من الثقافات الموجودة في هذه البلد وفي الجامعة خصوصا واللحاق بمقولة " انصر أخاك ظالما أو مظلوما" وهذا ما يحصل فعليا سواء كان صديق احدهم على حق أم لا، فقط تجده يشارك في المشكلة لصالح صديقه، وهذا بالتأكيد خاطئ ويسبب مشاكل كبيرة جدا.

دور العوامل السياسية والموقع الجغرافي في تعزيز العنف

إن الانتماءات السياسية والتعصب لها هي الرديف للتعصب القبلي والفئوي، ومن الأمور التي تستفز الطلبة سياسيا الصراعات على انتخابات مجالس الطلبة والأندية الطلابية، وما يزيد الأمور تعقيد تدخل تيارات فكرية وسياسية من خارج الجامعة .

وعدا عن ذلك لن ننسى الحال السياسي الذي تعيشه البلد والوضع ألاحتلالي الذي طالما كان احد العوامل الأساسية، وعن هذا تجيب سوسن شاهين إحدى طالبات كلية الآداب:  إن دواعي العنف كثيرة ويمكن اعتبار الضغوط التي يتعرض لها الشاب الجامعي من قبل الاحتلال. فمثلا خلال طريقه إلى الجامعة والحواجز الاحتلالية ومعاملة الجنود وحالات الابتزاز والاعتقالات وتأخير الطالب عن الدراسة بسبب السجن، كل هذا كافي لخلق إنسان محبط قلة عزيمته وتأثر نفسيته، ويكون بالتالي جاهز للعنف بمجرد تواجده في الحرم الجامعي خلال مشاهدته لكثير من المواقف حسب اعتباراته وبعض الاحتكاكات.

اما عن الشق الثاني فيجيب أبو كشك: هذه الجامعة موجودة على تلة التي هي جميعها عبارة عن 200 دنم ويوجد فيها 1200 موظف و 12000 طالب ما بين سن 18 و 27 عام، فليس هذا مجتمع ما بين الطفل والشيخوخة الذي عنفه في ذروة نشاطه وطاقته والتعبئة والعوامل المختلفة التي تدفع للعنف، فالبتالي هذا المجتمع الشبابي يحتاج معاملة خاصة، فحجم التلة المكونة من 200 دنم اكبر من مجتمع القرى المحيطة مثل أبو ديس التي هي اقل من 12000 نسمة والسواحرة التي تعدادها حوالي 7000 نسمة، فهذا يحتاج الى عمل كبير، فالمشكلة مشخصة ومعرفة ولكن الصعوبة في آلية التنفيذ والوسائل للوصول للأهداف المرجوة تحقيقها في إنهاء هذه الظاهرة.

ويضيف د. ناصر الافندي رئيس دائرة الخدمات الطلابية في ذات الحوار: هناك أمر مهم جدا أن وقوع جامعة القدس وموقعها البعيد جدا عن منطقة أ وهناك حوالي 3500 آلاف شخص بين طالب وكادر وظيفي يحمل الهوية المقدسية، وهؤلاء خارجين عن السيطرة حتى القانونية، وهناك كثير من الأشخاص خارجين عن القانون موجودين في المنطقة القريبة من الجامعة وبعيدين عن منطقة " أ " وهذا التجمع للخارجين عن القانون أيضا يؤثر، بحيث تصبح الجامعة حاضنة لمشاكل عشائرية لا دخل للجامعة ، مثل حادثة القتل بالجامعة سنة 2009 التي نالت من حياة الطالب محمد حسين عبد القادر من بلدة السواحرة الشرقية في محافظة القدس طعنا بالسكين.

الأمن الجامعي ودوره الوظيفي

توفر الأمن في الجامعة من خلال موظفين يتم تعينهم على أساس الخبرة والقدرة، وإعطائهم الصلاحيات الكافية أمر مهم جدا، لأنهم جانب مهم وعمود أساس في الحد من انتشار العنف. وفي السؤال عن دور رجال الأمن في الجامعة قال الدكتور موسى دويك الذي شهد حادث اعتداء من قبل إحدى الطلبة عليه: امن الجامعة جيدين في عملهم كفوئين لكن لا يمكننا إن نطلب منهم المستحيل، بمعنى آخر إن هذه جامعة ممتدة الأطراف والعدد الذي يتردد عليها يوميا  عدد كبير جدا، فلذلك لا تستطيع الجامعة إن توفر لكل طالب رجل امن أو لكل مجموعة طلاب، فإذا قيمنا عمل الأمن بعددهم فبرأي وفي تجربتي الأخير اشهد لهم بالكفاءة.

ومن خلال وجهة نظر مختلفة تجيب سيراء سرحان إحدى طالبات الإعلام والتلفزة : الأمن نفسه ليس لديه أولويات، فقط عنده حدود معينة وتنظيمات خفيفة، اما مشاكل كبيرة تتطلب إدارة وقدرة على الإلمام بالمشكلة اشعر أنهم يبتعدون عنها، ويبدأ دوره بعد انتهاء المشكلة، والسبب لا اعلم ، ولكن كأنه باعتقادي إن الجامعة لا تعطيهم صلاحيات كافية، وإذا تدخلوا سوف يصبح الموضوع قضية عشائرية بين أهل الطالب وأهل موظف الأمن وليست قضية موظف مختص في عمله.

خطوات مستقبلية لمواجهة العنف والدور الإداري

يلزم الجامعات أن تمارس دورها كمؤسسات تربوية، تؤمن بواجبها التربوي التوجيهي وتثق بقدرتها على صياغة شخصية الطالب الجامعي، ولعله من المفيد أن تعمد الجامعات إلى تقديم برنامج إلزامي لتأهيل الطالب المستجد في مطلع الفصل الأول من دراسته الجامعية يساعده في التعرف على محددات الحياة الجامعية وضوابطها ويسّهل عليه الاندماج في البيئة الجامعية.

كذلك إن التواصل الفاعل بين الإدارات الجامعية والطلبة يعد أحد أهم الإجراءات الوقائية التي ينبغي الحرص عليها، فالتواصل الدائم مع الطلبة وتلمس مشكلاتهم وهمومهم، وتحديد بؤر التوتر والتذمر التي تساهم في إثارة المشكلات وتتسبب في نشوب الاحتكاكات بين الطلبة، تعد ضرورية لتمكين الجامعة من المبادرة إلى حل المشكلات الصغيرة التي تحدث بين الطلبة ومحاصرتها وتطويقها قبل أن تستفحل، كما أن إتباع الإدارات الجامعية بمستوياتها كافة لسياسة الباب المفتوح يسّهل التواصل ويديمه مع الطلبة، ويسمح بضبط إيقاع حركة الطلبة وتوجيه الطاقات الطلابية في السياقات الإيجابية النافعة.

كان هذا من الناحية النظرية إما من الناحية العملية انه للعلم إن جامعة القدس تقبل معدلات تتفاوت ما بين 65-97% هذا التفاوت يؤثر على المستوى الثقافي للطلبة وهذا بناءً على دراسة أجريت في جامعة القدس، ولكن هذه الدواعي ليست مطلقة فهناك استثناءات، ولكن على الجامعة دراسة موضوع رفع معدلات القبول لما لها مساهمة في للتقليل من سلوكيات العنف.

وفي سؤال موجه لـ د. أبو كشك عن الخطوات المستقبلية لمعاجلة مشكلة العنف قال: هناك نموذج جديد تستخدمه الدول المتحضرة وهو استبدال شؤون الطلبة بالخدمات الطلابية، وفكرتها هي تغير العقلية الإدارية في الجامعة من عقلية سلطوية إلى عقلية خدمة – أي خدمة الطالب، لتوضيح صورة للطالب إن الجامعة والعاملين عليها موجودين لخدمته، من خلال إجراءات تفصيلية لتسهيل حياة الجامعة وحتى يشعر الطالب بالراحة، ومن اجل هذا أنشأنا جهاز اسمه الخدمات الطلابية ووضعنا عليه مساعد رئيسي من اجل أهمية هذا الموضوع.

وغير ذلك لقد عقدنا ثلاث جلسات في هيئة المجالس وهي كل المفاصل الإدارية والأكاديمية في الجامعة الذي يجتمع في مدينة أريحا، وطرحنا أمور عدة متعلقة بالطالب، وأهمها ما هو المطلوب من الجامعة أن تقدمه، هل المطلوب كطالب الإعلام مثلاً إن يتعلم المهارات والمعرفة التي تخص الإعلام وكفى، أم المطلوب صقله في ثلاث أمور أساسية وهي: المعرفة، والقيم، والمهارات التي تخدم الطالب حتى بتوظف بأسرع وقت، فما يجب إن تقوم به الجامعة؟ ما هي السبل إن الطالب لا يكفي يتم إعطائه المعرفة؟ كيف يجب إن يتم تعزيز منظومة القيم التي تراها الجامعة للجيل القادم، لان هذا الإجراءات سوف تنفذ عليه وليس على الجيل الحالي بالأخص هذه الأسئلة نحن في محض دراسة للمحاولة لصياغتها على شكل مخطط تنفيذي واستراتيجيات مهمة قادمة.

وأضاف لقد شكلنا في الجامعة بما يسمى بلجنة النظام المركزية التي وظيفتها ليس فقط المعاقبة وإنما مهمة تربوية، وهناك أيضا ما سنسميه محكمة صورية وهذه سوف يتم تفعيلها لاحقا، وتكون مثلا عندما تحدث مشكلة بين طالب وآخر سيتم وضعهم إمام طلبة ولجنة نظام والطلاب يحكمون كهيئة محلفين، وحسب طبيعة العقوبة وطبيعة الادعاء الذي يرفعه كل طالب على الآخر ومن الأحق، وما هي القيمة الحقيقية والتي يصبح من خلالها تفاعل ما بين الطالب والأستاذ والإدارة لتشكيل الوجهة التربوية الصحيحة.

شارك المقال عبر:

الدفاع الشرعي في القانون الجنائي مشروع تخرج الطالب علي طقاطقة
خمسة طلاب من جامعة القدس ينهون فترة تدريبية بمستشفى فلسطين بالاردن

آخر الأخبار

ربما يعجبك أيضا

Al-Quds University